نوبات السعال الليلية.. أسبابها وعلاجها ..؟؟







من الطبيعي أن تثير "نوبات السعال" العنيفة والمتواصلة ليلاً لدى الطفل، قلق الأهل، لاسيّما مع تكرارها وإستمرارها لأكثر من أسبوع. ما أسباب السعال وهل ثمّة حاجة مُلحَّة إلى أخذ الطفل إلى الطبيب، أم يُستحسَن الإنتظار لرؤية كيفية تطور الأمور؟
يُعتبر السعال أو الكحّة، أمراً طبيعياً عند الأطفال، إذ من عادة الطفل أن يسعل بين الفينة والأخرى، فلا داعي للقلق نِن رؤيته يكح أو يسعل. لكن، "السعال الليلي" هو مسألة أخرى، لأنّ الصوت يكون أقوى، نظراً إلى الهدوء العام المسيطر على المنزل ليلاً، ما يؤدي إلى إزعاج الطفل بذاته وإثارة قلق أهله، غير أنّه ليس كل سعال أو كحة مؤشراً إلى حالة خطرة، إلا في حال رافقت ذلك أعراض معيّنة، مثل صعوبة التنفس أو إرتفاع درجة الحرارة أو ألم في الصدر، عندها يصبح من الضروري إستشارة الطبيب فوراً.


- الأسباب:


كي لا يُصاب الأهل بالقلق في كل مرّة يسعل طفلهم، ينصحهم الأطباء بمراقبة الطفل جيِّداً، بهدف الحصول على أجوبة تقدم لهم صورة أولية عن مدى خطورة الحالة، وما إذا كان هناك داعٍ لنقل الطفل إلى الطبيب أو المستشفى، مثل الإنتباه جيِّداً، في حال كان المصاب بالسعال صغير السن، فكلما صغرت سنه زادت إحتمالات تطور سعاله البسيط إلى درجة أكثر خطورة. إضافة إلى ذلك، على الأهل أن يحددوا مدة حدوث السعال وما إذا كانت "نوبة السعال الليلي" تُزعج طفلهم. ولعلّ أهم شيء وَجَب عليهم معرفته، هو العامِل الحافز إلى "نوبة السعال". يشير الأطباء إلى أن ثمَّة أسباباً عدة للسعال، وإعتماداً على هذه الأسباب، يمكن تقدير مدى خطورة حالة الطفل.


- احتقان الأنف ووجود بلغم:


حالات الزكام البسيطة التي تظهر في الشتاء، مثل إلتهابات البلعوم والحنجرة التي تكرر، غالباً ما تكون المسؤول الأوّل عن إصابة الطفل بالسعال، يحدث هذا النوع من السعال بسبب تدفق الإفرازات الأنفية إلى الخلف، أي في إتجاه البلعوم والحنجرة، أو بسبب إحتقان المجاري الهوائية والتنفسية بالسوائل، ما يحول دون مرور الهواء بشكل سليم من أجل التخلص منها.
أحياناً، تستمر "نوبة السعال" أو الكحة، أياماً أو أسابيع عدّة، حتى عندما يبدو أنّ الطفل شفي من زكامه. ما العمل في هذه الحالة؟ هل يُفترَض بالنسبة إلى الأهل مراجعة الطبيب؟ في الواقع. ينصح الأطباء الأُم بتهوية الغرفة جيِّداً. والحرص على عدم رفع درجة حرارة جوها إلى أكثر من 19 درجة مئوية، إضافة إلى غسل أنف الطفل بانتظام وجعله يشرب الكثير من السوائل، لاسيّما الماء من أجل تمييع الإفرازات الغليظة. هكذا سوف ينحسر السعال تدريجياً ويختفي من دون الحاجة إلى إعطاء الطفل الأدوية.


- نوبات السعال الجاف التي تصيب الطفل في الجزء الثاني من الليل:


في الإجمال، يؤشِّر ذلك إلى إصابة الطفل بالربو، لكن عندما يحدث السعال الجاف، من دون أن تصحبه الأعراض الأخرى المعروفة في الربو، مثل الصفير أو صعوبة في التنفس، فإنّ ذلك لا يدعو إلى القلق. ثمّة إحتمال كبير أن يتطوّر هذا النوع من السعال إلى سعال ربو، فيُسمع الصفير بسبب إحتقان المجاري الهوائية العليا والسفلية. خلال اليوم، تزداد وتيرة حدوث السعال نتيجة الجهد الزائد، ما يتطلّب علاجاً بإستخدام مُوسّعات الشعب الهوائية. في هذه الحالة عليك أيتها الأُم التصرف بسرعة، فلا تنتظري الإتصال بالطبيب، لأن نوبات الربو سرعان ما تزيد وتيرتها وحدّتها مع الوقت.


- يسعل عندما يكون في غرفته:


قد يكون طفلك مصاباً بنوع من الحساسية. لهذا عليك مراقبته لمعرفة ما إذا كان نوبات سعاله تحدث بشكل موسمي أو بعد تناوله طعاماً معيناً. أحياناً تؤدي حشرة العَثّ أو وبَر الكلب أو الهرة، أو ربّما النباتات دوراً في إثارة "نوبة السعال" عند الطفل. في هذه الحالة، يُفضَّل إستشارة طبيب إختصاصي في علاج أمراض الحسّاسية، من أجل إخضاع الطفل لعدد من الفحوص والإختبارات، بهدف تحديد العوامل المثيرة للحساسية. يجب أن تعي أنّ السعال لن يزول إلا بعد إبعاد العامل البيئي المسبب للحسّاسية. في كل الحالات، يجب تهوية الغرفة جيِّداً وبشكل منتظم.


- تحدث "نوبة السعال" ما إن يتمدّد الطفل على ظهره:


يعزو الأطباء سبب هذا النوع من السعال إلى عملية إرتداد عصَارَة حمض المعدة إلى المريء، ومن ثمّ إلى الحلق، التي يُعانيها أغلب الأطفال. في حال استمر سعال الطفل إلى ما بعد سن الثلاث سنوات، عندها قد يطلب الطبيب إجراء فحص (pHmetrie)، لقياس مدى حموضة عصارة حمض المعدة، التي ترتد إلى المريء والحلق، بهدف تحديد مدى خطورة هذا الإرتداد. اتّباع العلاج المناسب من شأنه أن يزيل الأعراض خلال بضعة أشهر.


- سعال قوي يصحبه إرتفاع في درجة الحرارة وصوت مبحوح:


على الأرجح أن يحدث هذا النوع من السعال بسبب إصابة الطفل بإلتهاب الحنجرة، نتيجة فيروس ما. في البداية يكون الإلتهاب بسيطاً، لكنه سرعان ما يتطور، فيؤدي إلى إعاقة مرور الهواء، ما يفسر الصوت الغريب الذي يصدر عند الكحة. يجب مراجعة الطبيب فوراً في حال عانى الطفل صعوبة في التنفس. بعض الحالات يتطلب إدخال الطفل المستشفى من أجل حصوله على العلاج المناسب.


- نوبات سعال تشبه "صياح الديك":


يُعتبر هذا من الأعراض الأساسية للإصابة بـ"مرض السعال الديكي" أو "الشاهوق". لا يقتصر هذا النوع من السعال على فترة الليل فقط، بل يحدث أيضاً خلال النهار، وهو في الإجمال يكون مرهقاً للطفل، ويُشكِّل مصدر خطر على الأطفال الرضع، الذين لم يلقحوا ضد مرض "السعال الديكي". يُشدِّد الأطباء على ضرورة علاج الأطفال المصابين بـ"الشاهوق" وهم تحت سن الستة شهور في المستشفى، تفادياً للعواقب الوخيمة التي قد تُهدد حياتهم في ظل غياب مفعول التلقيح. يشير الأطباء إلى أن إنتقال عدوى السعال الديكي إلى الطفل، يحدث عن طريق إنسان راشد، زال مفعول لقاحه. ولهذا السبب صدر قانون فرنسي في العام 2004، يفرض على كل شخص يعمل في مجال رعاية الأطفال، أخذ لقاح ضد السعال الديكي، وهو لا يستثني الأهالي الجدد.
في حال كان طفلك يُعاني "سعالاً ليلياً"، بسبب الحسّاسية أو إحتقان الأنف، يُستحسن أن تتبعي بعض الخطوات التي تساعد في التخفيف من العوامل المثيرة لنوبات السعال:
- غسل الألعاب المصنوعة من الوبر، أو وضعها في الثلاجة في قسم التجميد لساعات عدّة، بعد لفّها بكيس من أجل القضاء على القُراد العالِق بها.
- إذا أمكن منع التدخين في المنزل نهائياً.
- تهوية الغرفة يومياً.
- إبقاء حرارة الغرفة على 19 درجة مئوية.
- حَثُّ الطفل على شرب الكثير من السوائل، لاسيّما الماء أو العصائر الطبيعية أو الشوربات، من أجل منعه من الإصابة بالجفاف. كما أنّ السوائل تساعد في التخلص من الإفرازات، غليظة البنية وتمييعها، ما يُسهل خروجها.


· هل يجب إعطاء الطفل دواء مضاداً للسعال..؟؟


لا ضرورة لإعطاء الطفل دواء لعلاج السعال، على الرغم من أنّ هذا الأمر قد يُطمئن الأهل. في الإجمال، لا ينصح الأطباء بإعطاء الطفل قبل سن الـ30 شهراً، دواء علاج السعال في حال كان سعاله جافاً، لأن أغلب هذه الأدوية يحتوي على مادة الكوديين ومضادات الهيستامين، وأحياناً على الكحول، ما قد يؤدي إلى إصابة الطفل بإضطرابات عدة في دماغه وجهازه الهضمي، إضافة إلى إحتمال إصابته بالحسّاسية، ناهيك عن الشكوك التي أُثيرت حول بعض الأدوية التي يُعتقد أنها تسبب حالات الموت المفاجئ عند الأطفال الرضع. أمّا بالنسبة إلى السعال المصحوب بالبلغم، يفضل الأطباء عدم علاجه. فالسعال هو آلية الجسم الطبيعية، التي يطرد بواسطتها الأجسام الغريبة منه، ويقوم بتنظيف المجاري الهوائية وإزالة الإحتقانات.