مقال اعجبني ونقلته لكم
................
أيّها " الرجال الرجال " سنصلي للّه طويلًا كي يملأ بفصيلتكم مجددًا هذا العالم، و أن يساعدنا على نسيان الآخرين !
ليس هذا " مانيفستًا" نسويًّا.
إنّه جردة نسائيّة ضدّ الذكورة، دفاعًا عن الرجولة، تلك الآسرة التي نباهي بوقوعنا في فتنتها، إذ من دونها ما كنّا لنكون إناثًا و لا نساءً.
من قال أنّنا نهجس بتلك الفحولة التي تُباع في الصيدليّات؟ أو تلك الذكورة النافشة ريشها التي تفتح أزرار قمصانها لكي تبدو السلاسل الذهبيّة الضخمة، و ما فاض من عشب، و تضع في أصابعها خواتم بأحجار لافتة للنظر؟ رجولة الساعات الثمينة و السيجار الفخم التي تُشهر أناقتها و عطرها و موديل سيّارتها و ماركة جوّالها، كي تشي بفتوحاتها السابقة و تغرينا بالانضمام إلى قائمة ضحاياها.
ما نريده من الرجال لا يُباع، و لا يُمكن للصين و لا لتايلاند أن تقوم بتقليده، و إغراق الأسواق ببضاعة رجاليّة تفي بحاجات النساء العربيّات.
ذلك أنّ الشهامة و الشموخ و الفروسيّة و الأنفة و بهاء الوقار و نبل الخُلق و إغراء التقوى و النخوة، و الإخلاص لامرأة واحدة، و الترفع عن الأذى، و ستر الأمانة العاطفيّة، و السخاء العشقيّ الموجع في إغداقه، و الاستعداد للذّود عن شرف الحبيبة بكلّ خليّة و حتى آخر خليّة و مواصلة الوقوف بجانبها حتى بعد الفراق.
تلك خصال لعمري ليست للبيع. بل إنّ مجرد سردها هنا يدفع للابتسام، و يشعرنا بفداحة خساراتنا و ضآلة ما في حوزتنا.
أين ذهب الرجال ؟ الكلّ يسأل.
اختفاء الرجولة لم يلحق ضررًا بأحلام النساء و مستقبلهنّ فحسب، بل بناموس الكون و بقانون الجاذبيّة.
ما الاحتباس الحراري إلّا احتجاج الكرة الأرضيّة على عدم وجود رجال يغارون على أنوثتها. لقد سلّموها كما سلّمونا "للعلوج"، فعاثوا فينا و فيها خرابًا و فسادًا.
لتتعلّم النساء من أمّهنّ الأرض، لا أحد استطاع إسكاتها و لا إبرام معاهدة هدنة معها. ما فتئت تردّ على تطاولهم عليها بالأعاصير و الزوابع و الحرائق و الفيضانات. هي تعرف مع من تكون معطاءة و على من تقلب طاولة الكون.
ليعقدوا ما شاؤوا من المؤتمرات ضدّ التصحّر و التلوّث و ثقب الأوزون و الاحتباس الحراري. ليست الأرض مكترثة بما يقولون. هي تدري أنّ الرجولة لا تتكلّم كثيرًا، لا تحتاج إلّا أن تكون فيستقيم بوجودها ناموس الكون.
الرجولة..
هي التي تؤمن إيمانًا مطلقًا لا يراوده شكّ أنّها وُجدت في هذا العالم لتعطي لا لتؤذي، لتبني و تحبّ و تهب.
الرجولة... في تعريفها الأجمل تختصرها مقولة كاتب فرنسي " الرجل الحقيقي ليس من يغري أكثر من امرأة بل الذي يغري أكثر من مرّة المرأة نفسها ".. الرجولة التي تؤمن بأنّ العذاب ليس قدر المحبّين، و لا الدمار ممرًّا حتميًّا لكلّ حبّ، و لا كلّ امرأة يمكن تعويضها بأخرى، و أنّ النضال من أجل الفوز بقلب امرأة و الحفاظ عليه مدى العمر هما أكبر قضايا الرجل و أجملها على الإطلاق. و عليها يتنافس المتنافسون.
هذا الكتاب يسمح لمن تسلّل من الرجال هنا، أن يتعلّم من أخطاء غيره من "الذكور" من باب "تعلّم الأدب من قليل الأدب ".
عليهم أن يتعلّموا الحبّ من قليلي الحبّ. أن يعتبروا بمصائر الكاذبين و الخونة و المتذاكين و الأنانيّين. و ليأخذوا علمًا أنّ النساء استيقظن من سباتهن الأزلي.
أمّا الرجال الحقيقيّون فأعتذر لهم. أحبّ إثم ذكائهم. فأنا واثقة أنّهم سينجحون في رشوة النساء بما يملكون من وسائل "رجالية" لا تصمد أمام إغراءاتها امرأة.
لمزيد من الاعتداد بالنفس و السخرية، سيكلّفون امرأة بإحضار هذا الكتاب المحظور عليهم، كي يضحكوا في سرّهم حتى قبل أن يقرؤوه. فهم يدرون أنّ المرأة كالشعوب العربيّة تتآمر على قضيّتها، و تخون بنات جنسها ولاءً منها لوليّ قلبها: الرجل.
لذا كلّ مكاسب المرأة عبر التاريخ كانت بفضل فرسان منقذين نبّهوها إلى خدعة الذكورة.
سنظلّ نحلم أن تكون لنا بهؤلاء الرجال قرابة. أن نكون لهم أمّهات أو بنات.. زوجات أو حبيبات.. كاتبات أو ملهمات.
أولئك الجميلون الذين يسكنون أحلامنا النسائيّة، الذين يأتون ليبقوا.. و يطمئنوا.. و يمتّعوا.. و يذودوا. ليحموا و يحنوا و يسندوا.. الذين ينسحبون ليعودوا، و لا يتركون خلفهم عند الغياب كوابيس و لا جراحًا و لا ضغينة. فقط الحنين الهادر لحضورهم الآسر، و وعدًا غير معلن بعودتهم لإغرائنا كما المرّة الأولى.
كم من مرّة سنقع في حبّهم بالدوار ذاته، باللهفة إيّاها. غير معنيّات برماد شعرهم و بزحف السنين على ملامحهم.
ليشيخوا مطمئنّين. لا الزمن، لا المرض، لا الموت، سيقتلهم من قلوبنا نحن "النساء النساء".
كيف لحياة واحدة أن تكفي لحبّ رجل واحد ؟
كيف لرجل واحد أن يتكرّر.. أن يتكاثر بعدد رجال الأرض.
لا يمكن أن نُقصيكم من هذا الموقع كما لا يمكن أن نُقصيكم من حياتنا، لأنّنا بفضلكم موجودات. كلّ ما نريده هو أن نحافظ عليكم، وعلى شيم الرجال الرجال التي بهرتنا يوماً، و ما عدنا اليوم نعثر عليها.
هذا الباب يمنحكم فرصة تصحيح أفكارنا نحوكم، إن كنّا أخطأنا في حقّكم، و مجالا لإبداء آرائكم بصدق حتى و لو بأسماء مزوّرة، إن كانت تنقصكم الشجاعة.